الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

موقع أيام نيوز

‫ـى بأنهــا وبــدءا ً مــن الغــد‬
‫فهــى فأنــا أحتــاج الــى النــوم بشــدة‪،‬كمــا أكــدت علـ ّ‬
‫ســتقوم بمهامهــا اليوميــة مــن طبــخ‪،‬والقيــام بكافة أعمــال المطبــخ والمائدة‪،‬‬
‫وكــررت شــكرها لــى‪،‬الحظــت انهــا تريــد وضــع مســافة بيننــا وتحــرص على‬
‫ذلــك‪،‬قلــت لهــا‪:‬ال داعــى للشــكر‪،‬وذكرتهــا انهــا اآلن زوجتــى‪،‬عليهــا‬

‫ان تتظاهــر بذلــك أمــام العامليــن بالقصر‪،‬الشــىء الوحيــد الــذى تســتطيعين‬
‫عملــه وهــو بنــاءا ً علــى طلبــى هــو اعــداد طعامــى فقــط‪،‬وذلــك النــى أعشــق‬
‫طعامــك‪،‬لــذا يمكنــك االشــراف علــى الطعــام‪،‬امــا بخصــوص أعمــال المطبــخ‬
‫فــا داعــى لذلــك‪،‬وقلــت لهــا تصبحيــن علــى خيــر يــا زوجتــى الحبيبــة‪،‬‬
‫خرجــت مــن الغرفــة‪،‬وســمعت صــوت بابهــا يغلــق مــن خلفــى‪،‬ابتســمت‬
‫وعــدت الــى غرفتــى أعلــم جيــدا ً انهــا خجولــة‪،‬واعلــم انهــا تحتــاج الــى‬
‫بعــض الوقــت‪،‬لكــى تتأقلــم علــى وضعهــا الجديــد‪،‬بــدأت أســتعد للنــوم‪،‬وانــا‬
‫أشــعر بالســعادة وقلــت لنفســى‪،‬ان مــا يحــدث مــا هــو اال تقــدم فــى عالقتنــا‪،‬‬
‫وهــذا يعتبــر درجــة كبيــرة مــن درجــات التقــارب‪،‬ال يفصــل االن بيننــا ســوى‬
‫بــاب داخلــى‪،‬فغرفتهــا جــزء مــن غرفتــى‪،‬اننــى أعلــم جيــدا ً طبيعــة إيليــن‪،‬‬
‫فهــى االن تحــرص علــى أن أكــون رب العمــل فقــط‪،‬وكلمــة زوج مــا هــى اال‬
‫كلمــة علــى ورق ‪،‬تذكــرت كلمــات إيليــن فــى أرض البرونــز حيــن قالــت لــى‬
‫أنهــا ســتحبنى مــرة أخــرى فــى االرض الخاصــة بــى‪،‬لــذا شــعرت بالســعادة‪،‬‬
‫وتأكــدت أن حــب إيليــن لــى ســوف يأتــى تدريجيــًا‪،‬وقلــت لنفســى انهــا‬
‫ســتحبنى‪،‬وســنعيش معــا ً أجمــل قصــة حــب بيــن زوجيــن‪،‬ســتدرك مــدى‬
‫حبــى لهــا ومشــاعرى المكنونــة فــى صــدرى‪،‬وســأحقق لهــا كل مــا تتمنــاه‪.‬‬
‫غفــوت هــذا اليــوم وحلمــت باننــى فــى أرض البرونــز‪،‬ورأيــت إيليــن تنادينى‬
‫وتقــول لــى هيــا يــا زوجــى الحبيب‪،‬ابنائنــا يريــدون اللعــب معــك‪،‬ورأيــت‬
‫طفــان جميــان بجوارهــا وكانــت ترتــدى فســتان أبيــض‪،‬وعلى رأســها تاج‬
‫مــن الزهورلــه رائحــة جميلــة‪،‬وكنــا نلعــب ســويا ً فــى منزلنا البســيط بأرض‬
‫البرونز‪،‬رأيــت ســعادة حقيقيــة فــى هــذا الحلــم‪،‬اســتيقظت فى تمام الخامســة‬
‫صباحـًا‪،‬ســمعت تغريــد الطيــور‪،‬لــم انتبــه ســابقا ً ان الطيــور الجميلــة تغــرد‬
‫فــى حديقتــى‪،‬بــدأت أشــعر بالســعادة‪،‬تالشــى احســاس الوحــدة‪،‬تمنيــت لــو‬
‫تكتمــل عائلتنــا ونــرزق باالطفــال‪،‬ونكــون اســرة ســعيدة‪،‬تمنيــت أن أرى‬
  ‫الحلــم الــذى رأيتــه اليــوم حقيقــة تتحقــق‪،‬‬
‫قمــت لالســتعداد باليــوم الجديــد‪،‬ورأيــت إيليــن تخــرج مــن غرفتهــا‪،‬وقالــت‬
‫لــى صبــاح الخيــر‪،‬ومشــت مســرعة علــى اســتحياء‪،‬فضحكــت وقلــت صباح‬
‫النــور بصــوت عالــى‪،‬النهــا خرجــت قبــل أن أرد عليهــا‪،‬قامــت بتجهيــز‬
‫طعــام الفطــور‪،‬كعادتهــا‪،‬والحظــت انهــا تتجنبنــى طــوال الوقــت‪،‬وكانــت ال‬
‫تريــد االفطــار معــى‪،‬بحجــة أنهــا تشــعر بالشــبع اآلن‪،‬ولكنــى لــم أتيــح لهــا‬
‫المجــال وقلــت لهــا اجلســى معــى فأنــا اســتمتع بالحديــث معــك‪،‬فنظــرت لــى‬
‫نظــرة حنونــة‪،‬ثــم اختفــت تلــك النظــرة فجــأة وشــعرت بخجلهــا مــرة أخــرى‪،‬‬
‫تحدثــت معهــا وقلــت لهــا اننــى اليــوم لــن أذهــب الى عمــل‪،‬واننــا يجــب أن‬
‫نذهــب فــى رحلــة شــهر عســل‪،‬فرفضــت علــى الفــور حيــن ســمعت كلمــة‬
 ‫شــهر العســل‪،‬واسـ َ‬
‫ـتنكرت ذلــك‪،‬فطمأنتهــا وقلــت انهــا بالطبــع هــذه الرحلــة‬
‫ليســت رحلــة أزواج‪،‬انمــا هــى رحلــة عاديــة‪،‬ســنقوم بهــا للصــورة العامــة‪،‬‬
‫فمــن الشــائع ســفر الزوجيــن فــى رحلــة شــهر عســل‪،‬وهــذه الرحلة ســتكون‬
 ‫من اجل التقارير الصحفية وللرد على الشائعات ‪.‬‬

‫هــذا بالطبــع غيــر حقيقــى فأنــا أبحــث عــن كل فرصــة تقربنــى منهــا‪،‬لــذا‬
‫فاجأتهــا وطلبــت منهــا أن تســتعد للســفر‪،‬وكنــت قــد انتهيــت من جواز الســفر‬
‫الخــاص بهــا‪،‬واخبرتهــا اننــا سنســافر الــى رحلــة ســتمر علــى العديــد مــن‬
‫الــدول والجــزر‪،‬وأيض ـا ً قلــت لهــا‪:‬فــى حجرتــك فــوق الــدوالب تــم تجهيــز‬
‫شــنطة لمعظــم احتياجاتــك بالرحلة‪،‬تفاجئــت حيــن أخبرتهــا بذلــك‪،‬وقالــت‬
‫لــى‪:‬انــا لســت مســتعدة حالي ـا ً ألى رحــات‪،‬كل مايهمنــى هــو انتهــاء تلــك‬
‫الشــائعات‪،‬ومعــاودة حياتــى العادية‪،‬فأخبرتهــا ان قلقــك هــذا ال داعــى منــه‬
‫اطالقًا‪،‬وكمــا اتفقنــا اننــا ســنراعى صورتنــا العامــة أمــام وســائل االعــام‬
‫المختلفــة‪،‬هيــا يــا إيليــن ليــس أمامنــا وقــت ‪.‬‬
‫توجهنــا الــى طائرتــى الخاصــة‪،‬والحظــت اندهــاش إيليــن بذلــك‪،‬فضحكــت‬
‫علــى نظــرة التســاؤل التــى بــدت منهــا‪،‬وقلــت لهــا هــذا امــر طبيعــى يــا‬
‫إيليــن وســتعتادين علــى ذلــك‪،‬تلــك الطائــرة كانــت هديــة جــدى لــى‪،‬فالحظــت‬
‫اندهاشــها ثــم قالــت‪:‬هــل يمكــن إهــداء طائــرة؟ قضحكــت علــى تعبيرهــا‬


‫تلــك‪،‬وقلــت فــى قــرارة نفســى كل مــا أملــك فهــو ملــكك يــا ايليــن‪،‬اســتطردت‬
‫حديثهــا وقالــت‪:‬بصــوت خافــت كيــف لــى اعتيــاد كل هــذه الحيــاة الفاخــرة؟‬
‫جلســت إيليــن فــى الطائــرة صامتــة وال تســايرنى الحديــث كمــا كان يحــدث‬
‫ســابقًا‪،‬تركتهــا قليـًا وتظاهــرت بالنــوم‪،‬فالرحلــة طويلــة‪،‬حتــى اتركهــا مــع‬
‫افكارهــا‪،‬وال اســبب لهــا االزعــاج‪،‬قامــت مضيفــة الطيــران بتقديــم وجبــة‬
‫تحبهــا إيليــن‪،‬وكانــت هــذه اوامــر منــى بالطبــع‪،‬فبدأت إيليــن بتنــاول الطعام‪،‬‬
‫وبــدأت اتحــدث معهــا فــى مواضيــع مختلفــة‪،‬وأردت ان اخبرهــا ببرنامــج‬
‫الرحلــة‪،‬وقلــت لهــا‪:‬إيليــن اننــا اآلن فــى رحلــة واتمنــى ان تتجنبــى مشــاعر‬
‫القلــق والخــوف التــى تنتابــك‪،‬لــن يحــدث أى شــىء علــى غيــر ارادتــك‪،‬كل‬

‫مــا يهمنــى فــى تلــك الرحلــة أن تكونــى ســعيدة‪،‬ســنقوم بزيــارة العديــد مــن‬
‫دول العالــم‪،‬وأعتقــد أن تلــك هــى مرتــك اآلولــى‪،‬لــذا اريــد منــك االســتمتاع‪،‬‬
  ‫الن برنامــج تلــك الرحلــة لــن تنســيه مــا حييتــى‪.‬‬
  ‫اطمأنــت إيليــن قليـًا‪،‬وقالــت لــى أعلــم أنــك نــادر بــك حريــص كل الحــرص‬
  ‫علــى إســعادى‪،‬فهــذا اتضــح لــى مــن معاملتــك لــى‪،‬ومفاجآتــك الرائعــة لــى‪،‬‬
  ‫ولكــن مــا يزعجنــى حقـا ً هــو كيــف اســتطاعتى رد كل هــذا لــك‪،‬فقلــت لهــا‪:‬‬
  ‫إيليــن كيــف تنــادى الزوجــة زوجهــا؟ هــل تناديــه بألقاب؟ اســمى يــا إيلين هو‬
  ‫نــادر‪،‬وعليكــى اعتيــاد مناداتــى بإســمى فقــط دون القــاب‪،‬االمــر الثانــى اننى‬
  ‫ال اريــد رد فأنــا اشــعر حقـا ً بالســعادة حيــن أقــوم بإســعادك‪،‬لــذا دعينــا نتفق‪،‬‬
  ‫ان رحلتنــا تلــك هــى الســعادنا ســويا ً فانــا ايضـا ً بحاجــة للراحــة مــن ضغــوط‬
  ‫الحيــاة التــى تواجهنــى يومي ـًا‪،‬دعينــا نســتمتع يــا زوجتــى الحبيبــة‪،‬حيــن‬
  ‫ســمعت إيليــن كلمــة زوجتــى الحبيبــة شــعرت بخجلهــا ونظرهــا لــأرض‪،‬‬
  ‫ابتســمت علــى ذلــك‪،‬قضينــا بالفعــل معــا ً رحلــة خياليــة‪،‬بــدأ قلــق إيليــن‬
‫يهــدأ‪،‬ورأيــت ضحكاتهــا الرقيقــة وابتســامتها الســاحرة‪،‬كنــا نجلــس ســويا ً‬
  ‫ونشــاهد أوقــات الغــروب فــى أماكــن مختلفــة‪،‬وكانــت إيليــن تحصــل علــى‬
  ‫تصويــر كل هــذا‪،‬اصبحــت تنادينــى باســمى‪،‬كمــا طلبــت منهــا بالطائــرة‪،‬‬
  ‫ولكــن هــذا بالطبــع بعــد عنــاء‪،‬بــدأت المســافة بيننــا تقــل تدريجي ـًا‪،‬بــدأت‬
  ‫أشــعر بإعجابهــا بــى‪،‬وخفــت ان أكــون متوهم ـا ً لذلــك‪،‬ولكنــى تمنيــت لــو‬
‫يكــون هــذا حقيقــى‪،‬اشــتريت العديــد مــن الهدايــا التذكاريــة إليليــن‪،‬وايضـا ً‬
  ‫فــى كل بلــد قمنــا بزيارتهــا قمنــا بالتســوق‪،‬كانــت إيليــن ســعيدة بالفعــل‪،‬‬
  ‫حــان وقــت عودتنــا وفــى يومنــا االخيــر‪،‬كنــت ارغــب بإخبارهــا بحقيقــة‬
 ‫مشــاعرىتجاهها‪،‬ولكنــى كنــت أخشــى فقدانهــا‪،‬‬

تم نسخ الرابط