الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

موقع أيام نيوز

‫قــام مديــر أعمالــى بعــرض اعــان التعييــن للمزرعــة بالعديــد مــن الصحــف‪،‬‬
‫وكان يالحــظ اهتمامــى الكبيــر‪،‬وســألنى ما الســبب وراء اهتمامــى المفاجىء‬
     ‫بمجــال الزراعــه‪،‬فأخبرتــه ان هــذا كان حلــم والــدى وأردت تحقيقه ‪.‬‬
‫قابلــت الكثيــر ولكــن دون جــدوى‪،‬وقمــت بتعييــن الكثيــر مــن الشــباب‪،‬النــى‬

‫بالفعــل أصبــح لــدى حــب وهــوس بالزراعــة‪،‬وأردت أن أزرع بيــدى‪،‬فهــى‬
‫مهنــة رائعــة‪،‬خاصــة حيــن تبــذل الكثيــر مــن الجهــد‪،‬بالتأكيــد ســتحصد‬
 ‫نتيجــة جهــدك‪.‬‬
‫مــرت األيــام واألســابيع ولــم أجــد إيليــن‪،‬ولــم أعثــر عليهــا‪،‬كنــت فــى حالــة‬
‫حــزن كبيــر‪،‬قــد يعــود ذلــك الــى انــه كلمــا مــر الكثيــر مــن الوقــت‪،‬كلمــا‬
‫تزايــد فقدانــى األمــل برؤيتهــا مــرة أخــرى‪،‬تمنيــت لــو أننــى أفقــد الذاكــرة‬
   ‫تمامــا وأنســاها‪،‬‬
‫تمنيــت لــو أن حياتــى تنتهــى‪،‬فأنــا أفتقدهــا تمام ـًا‪،‬رأيــت كــم أعيــش اآلن‬
‫حيــاة بائســة‪،‬أدركــت الكثيــر مــن المعانــى التــى كنــت بحاجــة اليهــا‪،‬حاولــت‬
‫التقــرب مــن جيرانــى‪،‬والتعــرف عليهــم‪،‬فقمــت بعمــل حفلــة شــواء كبيــرة‬
‫ودعــوت جيرانــى‪،‬وبالفعــل تعرفــت علــى شــخصيات بــارزة وكبيــرة فــى‬
‫مجتمعنــا‪،‬مثــل المستشــار صــاح‪،‬الــذى يملــك فيــا بالقــرب مــن قصــرى‪،‬‬
‫ولديــه ولــد وحيــد‪،‬والمهنــدس وليــد وهــو شــاب فــى مثــل ســنى‪،‬متــزوج‬
‫ولديــه طفلتــان‪،‬وتعرفــت علــى الكثيــر مــن الشــخصيات‪،‬ولكــن المستشــار‬
‫صــاح والمهنــدس وليــد هــم مــن شــعرت بوفــاق كبير معهــم‪،‬واتفقــت معهم‬
‫علــى الخــروج والتعــارف بشــكل أكبــر‪،‬أيض ـا ً حرصــت علــى لقــاء د عــاء‬
‫زميــل الدراســة القديــم‪،‬ولكنــى لــم أحدثــه عــن أرض البرونــز‪،‬فمــا حــدث‬
‫معــى حقيقــى‪،‬ولــن يصدقــه عقــل‪،‬وهــذا بالفعــل قلــل لــدى الشــعور بالوحــدة‬
‫بعــض الشــىء‪،‬ذات يــوم خرجــت للتنــزه أمــام البحــر كعادتــى‪،‬تمنيــت لــو‬
‫يفتــح الممــر مــرة أخــرى‪،‬وأعــود الــى أرض البرونــز‪،‬وأرى إيليــن مــرة‬
‫أخــرى‪،‬ثــم خطــر ببالــى فكــرة أخــرى أننــى أعلــم أن إيليــن تحــب الطبــخ‪،‬‬
‫أيض ـا ً قــد تكــون شــيف‪،‬يمكننــى تعييــن طباخــة أخــرى بالقصــر‪،‬وبالفعــل‬
‫طلبــت مــن مديــر أعمالــى عمــل اعــان لتعييــن طباخــة جديــدة بشــرط أن‬
‫ال يزيــد الســن عــن ثــاث وعشــرون عام ـًا‪،‬وأيض ـا ً قمــت بتحديــد أصنــاف‬
‫محــددة فــى االعــان‪،‬لألصنــاف التــى أريدهــا‪،‬واعلــم جيــدا ً أن إيليــن تُبــدع‬
‫فــى إعدادهــا‪،‬وبالفعــل حضــر الكثيــر مــن الفتيــات للمقابلــة‪،‬وقمــت بعمــل‬
‫العديــد مــن المقابــات‪،‬كنــت اجلــس فــى حجــرة المقابــات ذات البــاب‬
‫الزجاجــى الــذى ال يظهــر مــن بالداخــل‪،‬كنــت أرى المتقدمــات للوظيفــة‪،‬‬
‫مــن الداخــل ولــم اجــرى مقابــات كنــت اخبــر مديــر اعمالــى بالرفــض وانــه‬
‫يتولــى امــر المقابلــة‬
‫‪،‬مــر علــى ذلــك حوالــى اســبوعان‪،‬تقــدم حوالــى ‪ 200‬فتــاة للعمــل بتلــك‬
‫الوظيفــة‪،‬بــدأت أفقــد األمــل وانتابنــى حــزن شــديد‪،‬وذات يــوم كنــت قــد‬
‫رفضــت اجــراء مقابــات اخــرى‪،‬الــى أن جــاءت فتــاة تصــر علــى مقابلتــى‬
‫وأخبــرت مديــر أعمالــى انهــا يجــب أن تقابلنىــى فســألها الســبب فقالــت‪:‬انهــا‬
‫قــرأت عنــى كثيــرا ً وتتقــن جيــدا ً االصنــاف التــى حددتهــا فــى االعــان‪،‬وانهــا‬
‫مســتعدة جيــدا َ الجتيــاز المقابلــة‪،‬فأخبرنــى مديــر أعمالــى بذلــك‪،‬ولكننــى‬
‫لــم أكــن متحمــس للمقابلــة فــى البدايــة‪،‬وقلــت لنفســى مــا الجــدوى مــن‬
‫تلــك المقابــات فإيليــن لــم تعــد موجــودة‪،‬وطلــب مديــر أعمالــى مــن الفتــاة‬
‫االنصــراف‪،‬انتابنــى شــعور بالضيــق‪،‬ونظــرت مــن النافــذة التــى تطــل علــى‬
‫زهــورى ونباتاتــى النــادرة لتهدئــة أعصابىــى‪،‬ولكــن تســمرت قدماى‪،‬حيــن‬
‫رأيــت فتــاة تخــرج مــن بوابــة القصــر‪،‬ظهرهــا يشــبه تمامــا ظهرإيليــن‪،‬‬
‫شــعرها أســود منســدل وراء ظهرهــا‪،‬جســدها ينافــس أجمــل عارضــات‬
‫االزيــاء‪،‬تجــدد أملــى مــن جديــد‪،‬طلبــت مــن مديــر اعمالــى أن يحضرهــا الــى‬
‫مكتبــى بســرعة‪،‬كلــم مديــر أعمالــى حــارس القصــر‪،‬وقــال لــه‪:‬أخبرالفتــاة‬
‫التــى تخــرج مــن القصــر‪،‬أن نــادر بيــه ســيقوم بعمــل مقابلــة معهــا‪،‬جلســت‬
‫اتمتــم بكلمــات التمنــى والترجــى أن تكــون تلــك الفتــاة هــى إيليــن‪،‬نظــرت‬
‫مــن النافــذة لكــى أراهــا بوضــوح‪،‬تســمرت مكانــى حيــن رأيــت وجههــا‪،‬انهــا‬
‫إيليــن زوجتــى وحبيبتــى‪،‬يالفرحتىــى‪،‬وســعادتى‪،‬إيليــن ببشــرتها الصافيــة‬
‫وعيونهــا الزرقاء‪،‬لــم أســتطع الســيطرة علــى نفســى‪،‬وقفــت خلــف البــاب‬
‫الزجاجــى حتــى اراهــا بوضــوح وطلبــت مــن مديــر أعمالــى أن يطلــب منهــا‬
‫االنتظــار حتــى أســتطيع الســيطرة علــى مشــاعرى كــى ال أزعجهــا‪،‬فهــى ال‬
‫تعرفنــى اآلن‪،‬جلســت إيليــن امامــى خلــف البــاب الزجاجــى‪،‬إيليــن تجلــس‬
‫أمامــى‪،‬لــم أصــدق نفســى‪،‬انهــا إيليــن حبيبتــى‪،‬بجمالهــا الرائــع‪،‬ورقتهــا‪،‬‬


‬ ‫التــى التســتطيع أجمــل نســاء األرض منافســتها عليهــا‪،‬انهــا إيليــن بشــعرها‬
‫االســود المنســدل علــى كتفيهــا‪،‬وبشــرتها البيضــاء النقيــة‪،‬اخيــرا ً وجــدت‬
‫إيليــن! بجمالهــا النادراألخــاذ‪،‬رأيتهــا بروعتهــا وســحرها‪،‬حاولــت الســيطرة‬
‫علــى مشــاعرى كــى اتمكــن مــن مقابلتهــا‪،‬ذكرت نفســى بــأن مقابلتــى االولى‬
‫معهــا يجــب أن تكــون مقابلــة صاحــب عمــل مــع موظفــة لديــه‪،‬حتــى ال تثيــر‬
‫رد فعلــى شــكوك إيليــن‪،‬فهــى تــكاد ال تعرفنــى مطلقـًا‪،‬ولــن تتذكرنــى حاليـًا‪،‬‬
‫حاولــت التظاهــر بالبــرود‪،‬طلبــت مــن مديــر أعمالــى أن يدعهــا تدخــل‪،‬‬
‫تظاهــرت بقــراءة كتــاب أمامــى‪،‬ولــم أنظــر اليهــا مطلق ـاَ‪،‬طلبــت منهــا أن‬
‫تجلــس‪،‬وان تمــأ بياناتهــا فــى االســتمارة التــى اعطاهــا اياهــا مديــر أعمالــى‬
   ‫قبــل دخولهــا حجــرة المقابــات‪.‬‬
‫ســت أمامــى تكتــب‪،‬نظــرت إليهــا مــن وراء الكتاب الــذى اتظاهــر بقراءته‪،‬‬    ‫جل َ‬
‫شــعرت بالســعادة التــى افتقدتهــا‪،‬األيــام واألســابيع الماضيــة‪،‬إيليــن حبيبتــى‬
‫تجلــس امامــى ولــم اســتطع الترحيــب بهــا‪،‬بــل تظاهــرت بالبــرود الشــديد‬
‫أمامهــا كــى ال أزعجهــا مــن فــرط مشــاعرى تجاههــا‪،‬اعطتنــى االســتمارة‬
 ‫التــى كانــت فــى يديهــا‪،‬وقــرأت اجاباتهــا ‪.‬‬
 ‫االسم‪:‬إيلين‬
  ‫السن‪ 20:‬عام‬
 ‫الهوايات‪:‬الطبخ‪،‬والزراعة‬
‫الخبــرات‪:‬ليــس لديهــا خبــرات فــى عمــل الطباخــة عملــت ســابقا ً فــى مشــتل‬
  ‫للزهــور‬
‫الحالة االجتماعية‪:‬غير متزوجة‬

‫طبيعة العمل‪:‬جزئى‬
‫انتهيــت مــن قــراءة بيانــات االســتمارة‪،‬وحيــن قــرأت كلمــة غيــر متزوجــة‬
  ‫قلــت فــى قــرارة نفســى انــك زوجتــى الحبيبــة يــا إيليــن‪.‬‬
 ‫سألتها هل تحبين الزراعة ؟‬
‫قالــت‪:‬نعــم بــكل تأكيــد فأنــا طالبــة بكليــة الزراعــة ودخلــت كليــة الزراعــة‬
‫بســبب حبــى للنباتــات منــذ صغــرى‪،‬ابتســمت وقلت لهــا‪:‬انها نفــس هوايتى‬
‫التــى اعشــقها كثيــرًا‪،‬وحاليــا اقــوم بإعــداد مشــروع زراعــى كبيــر‪،‬علــى‬
‫أعلــى مســتوى‪،‬وأخبرتهــا أيضــا اننــى أســعى لتوفيــر أيــدى عاملــة لهــذا‬
‫المشــرع‪،‬لمحــت بريــق فــى عينيهــا حيــن تحدثــت عــن الزراعــة‪،‬وقلــت لهــا‬
  ‫طالمــا دراســتك هــى مجــال الزراعــة فيمكــن االســتفادة منــك‬
‫‪-‬ايــن تقيميــن ؟ أجابت‪:‬أقيــم فــى احــدى ضواحــى المنطقــة‬
 ‫الجنوبيــة التــى تبعــد عــن هنــا حوالــى ســاعة ونصــف‪،‬أقيــم‬

 ‫فــى ســكن بمفــردى‬
‫‪-‬ســألتها عــن الحالــة االجتماعيــة ؟ قالــت‪:‬انهــا عزبــاء لــم‬
 ‫تتزوج‪،‬يتيمــة األب واألم وانهــا تعيــش بمفردهــا‪،‬ليــس لهــا‬
 ‫إخــوة ايضــاَ‪.‬واســتطردت حديتثهــا وأخبرتنــى‪:‬انهــا تعــول‬
 ‫نفســها‪،‬لكــى تتمكــن مــن اســتكمال دراســتها‪.‬‬
‫شــعرت بالســعادة الننــى أعلــم جيــدا ً أننــى ســأكون لهــا االب واألم والعائلــة‬
‫بأكملهــا‪،‬وتخيلــت تكويــن أســرتنا الخاصــة‪،‬وأن لدينــاء ابنــاء يلعبــون‬
 ‫ويمرحــون فــى هــذا القصــر يملــؤون القصــر بهجــة‪.‬‬
  ‫لماذا اخترتى وظيفة الطبخ ؟‬

تم نسخ الرابط