الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

موقع أيام نيوز

‫هنــا مــرة أخــرى‪،‬ويجــب أن أبــدأ فــى البحــث عنهــا‪،‬وهــذا ألنــى ادرك‬
‫تمامــا ً أن كل مــا حــدث لــى حقيقــى‪،‬ولــم يكــن مــن وحــى الخيــال‪،‬هــل‬
‫يمكــن لحلــم أن يغيــر معتقداتــى ومفاهيمــى بهــذا الشــكل‪،‬ان قناعاتــى كلهــا‬
‫تغيــرت بالكامــل‪،‬بالطبــع حبــى إليليــن هــو حــب حقيقــى ال تشــوبه شــائبة‪،‬‬

‫تســترجع ذاكرتــى صوتهــا العــذب‪،‬بســمتها الرقيقــة‪،‬حديثهــا الشــيق‪،‬كــم‬
‫كانــت جميلــة ورائعة‪،‬كلمــا أُغمــض عينــى أراهــا‪،‬لــم تفــارق خيالــى لحظــة‪،‬‬
‫حاولــت النــوم‪،‬ولكنــى لــم أســتطع‪،‬فصورتهــا تعــاود فــى الظهورولــم تغــادر‬
‫مخيلتــى بعيونهــا الزرقــاء الصافيــه‪،‬وجمالهــا النــادر‪،‬نمــت ســاعات قليلــة‪،‬‬
‫وأنــا تثقلنــى الهمــوم‪،‬رأيــت الصــورة الحقيقــة لمــا كنــت أعيشــة قبــل أرض‬
‫البرونــز‪،‬حياتــى اآلن مملــة رتيبــة أدركــت جيــدا المعنــى الحقيقــى لحيــاة بــا‬
‫معنــى‪،‬تناولــت دواء يســاعدنى علــى النــوم‪،‬فرحلتــى الــى أرض البرونــز‬
‫كان المعنــى الحقيقــى لكمــة ســعادة‪،‬جعلتنــى أدرك حقيقــة مــا أنــا فيــه‪،‬بعــد‬
‫فتــرة قليلــة نمــت بتأثيــر الــدواء المنــوم‪،‬اســتيقظت فــى تمــام الخامســة‬
‫صباح ـا ً كعادتــى اليوميــة‪،‬وقامــت مدبــرة المنــزل بإعــداد طعــام الفطــور‪،‬‬
‫ولكــن الطعــم يختلــف هنــا كثيرًاعــن الطعــام الــذى كانــت تعــده لــى إيليــن‪،‬لــم‬
  ‫أكمــل فطــورى‪،‬وذهبــت لمتابعــة أعمالــى ‪.‬‬
‫هاتفنــى صديقــى حســين‪،‬ليطمئــن علــى‪،‬ولــم اســتطع البــوح بمــا حــدث‬
‫معــى‪،‬فلــن يصدقنــى انســان عاقــل‪،‬فمــا حــدث هــو درب مــن دروب الخيــال‪،‬‬
‫وفــى مخيلتــى أن آخــر حديــث بينــى وبيــن حســين كان منــذ عــدة شــهور‪،‬‬
‫ولكــن فــى عالمــى هــذا الزمــن لــم يتغيــر اطالقـًا‪،‬طلــب منــى حســين مقابلتــه‬
‫الليلــة‪،‬ولكنــى كنــت مشــوش الفكــر‪،‬وأشــفقت عليــه‪،‬أخبرتــه اننــى مرهــق‬
  ‫قليـًا اليــوم‪،‬ولــن أســتطيع الخــروج ليـًا‪،‬ســنؤجل ذلــك ليــوم آخــر‪.‬‬
‫جلســت أفكــر كيــف يمكننــى مقابلــة إيليــن مــرة أخــرى‪،‬أعلــم جيــدا ً أنهــا تحب‬
 ‫الزراعــة‪،‬وطــرأت فكــرة جديــدة بخاطــرى‪،‬قــد تســاعدنى فــى العثــور علــى‬
 ‫إيليــن‪،‬تتمثــل تلــك الفكــرة فــى انشــاء مزرعــة ضخمــة‪،‬كمشــروع جديــد‪،‬‬


 ‫عل�ىـ إح��دى األراض��ى الكبيرــة التــى أملكه��ا‪،‬أو إذا تطلــب األمــر‪،‬ســأقوم‬
‫بشــراء قطعــة أرض كبيــرة تناســب هــذا المشــروع‪،‬فأنــا اآلن تعلمــت جيــدا ً‬
 ‫فنــون الزراعــة‪،‬ومــع إمكانياتــى الحاليــة‪،‬أســتطيع عمــل مشــروع كبيــر‬
 ‫يجــذب كل شــخص يحــب الزراعــة‪،‬بالفعــل حــددت قطعــة كبيــرة‪،‬واشــتريت‬
 ‫اآلالت واألجهــزة علــى أعلــى مســتوى‪،‬وبــدأت فــى عمــل اإلعالنــات الخاصة‬
 ‫بهــذا المشــروع الضخــم‪،‬تحدثــت مــع وكيــل أعمالــى وأخبرتــه إننــى أريــد‬
 ‫عمــل حملــة اعالنيــة ضخمــة لهــذا المشــروع‪،‬وأريــد تعييــن شــباب كثيرون‪،‬‬
 ‫واذكــر باالعــان انــه ســيتم انشــاء عــدد كبيــر مــن الصوبــات الزراعيــة‪،‬‬
 ‫وزراعــة أنــواع كثيــرة مــن المحاصيــل التــى نفتقــد اليهــا ‪.‬‬
‫اننــى لــم أنســى شــيئا ً ممــا تعلمتــه‪،‬وهــذا يؤكــد أن كل مــا عشــته حقيقــى‪،‬‬
   ‫وانــه لــم يكــن وهم ـًا‪.‬‬
‫طلبــت مــن ســعيد مديــر أعمالــى أن يقــوم ايضـا ً بعمــل اعــان لتعييــن الطلبــة‬
‫بمدرســة الزراعــة أو طلبــة كليــات الزراعــة‪،‬حيــث تذكرت كلمــات إيلين بأنها‬
‫درســت الزراعــة‪،‬تخيلــت انهــا قــد تكــون فــى عالمــى هــذا مازالــت طالبــة‪،‬‬
‫فهــى مازالــت صغيــرة بالســن‪،‬وقــد تكــون مازالــت بالدراســة‪،‬تســاءلت هــل‬
‫ســتتقبلنى‪،‬ألكــون رفيــق دربهــا؟‪،‬ولكــن اســتعدت كلماتهــا حيــن قالــت لــى‬
‫انهــا ســتقابلنى فــى عالمــى وســننجح ســويًا‪،‬طلبــت منــه أيضـا ً تعييــن كل من‬
‫لــه معرفــة وحــب لمهنــة الزراعــة‪،‬وســأختبرهم بنفســى‪،‬اســتغرب مديــر‬
  ‫أعمالــى ذلــك‪،‬فهــو يعلــم ان الزراعــة‬

‫مجــرد هوايــة احبهــا‪،‬وأقــوم بزراعــة نباتات بســيطة فــى الحديقــة المحيطة‬
‫بقصــرى‪،‬انــه يعلــم جيــدا أننــى لــم أمتهــن مهنــة الزراعــة مــن قبــل‪،‬فهــو‬
  ‫يعمــل لــدى منــذ أكثــر مــن عشــر ســنوات‪.‬‬
‫كل يــوم كنــت أذهــب للمزرعــة‪،‬وكانــت المزرعــة تحظــى ببالــغ اهتمامــى‪،‬‬
‫لدرجــة أنــى وكلــت المســاعدين‪،‬فــى الشــركات األخــرى باالهتمــام بمجــال‬
‫الهندســة المعماريــة‪،‬والمجــاالت األخــرى‪،‬فرغــت كل وقتــى وجهــدى لهــذا‬
‫المشــروع‪،‬تعــاود حياتــى فــى ارض البرونــز الظهــور أمــام عينــى‪،‬أتذكــر‬
‫حياتــى الجميلــة هنــاك‪،‬أرى دائمــا ً ايليــن فــى مخيلتــى وهــى تســاعدنى‪،‬‬
‫وتعطينــى الطعــام أثنــاء عملــى‪،‬تذكــرت رقتهــا وابتســامتها الرائعــة‪،‬تمنيــت‬
‫أن يحــدث هــذا مــرة أخــرى‪،‬وأن أجدهــا‪،‬تخيلــت نفســى أســعد انســان علــى‬
‫وجــه األرض‪.‬‬

تم نسخ الرابط