الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

موقع أيام نيوز

‫اســتمر عملــى بجهــد واتقــان‪،‬كــى أحصــل علــى ســعادتى التــى عشــتها هنــا‪،‬‬
‫واســتفيد بــكل مــا تعلمتــه هنــا‪،‬لقــد تعلمــت الكثيــر‪،‬اكتســبت خبــرة كبيــرة‬
‫فــى الزراعــة‪،‬عشــقت العمــل اليــدوى‪،‬أصبحــت أخشــى الوحــدة التــى كنــت‬
‫معتــادا ً عليهــا‪،‬أحببــت الحيــاة البســيطة‪،‬اكتســبت الكثيــر مــن القيــم هنــا ‪.‬‬

‫مــرت األيــام‪،‬وبذلــت الكثيــر مــن الوقــت والجهــد‪،‬فــى زراعــة األرض‪،‬‬
‫شــعرت بالحــب الحقيقــى تجــاه إيليــن‪،‬تمنيــت أن يســتمر زواجنــا‪،‬ونعيــش‬
‫معـا ً لالبــد‪،‬عشــقت ابتســامتها الســاحرة‪،‬نظراتهــا البريئــة‪،‬تعجبنــى جميــع‬
‫تفاصيلهــا‪،‬وســلوكياتها‪،‬عالقتهــا بمــن حولهــا‪،‬حســن تصرفهــا‪،‬ذكائهــا‪.‬‬
‫فتــرة الشــهرين قاربــت علــى االنتهــاء‪،‬كنــت أشــعر بالقلــق‪،‬فــاآلن أنــا ال‬
‫اريــد العــودة لحياتــى الســابقة‪،‬أخشــى أن افتقــد إيليــن‪،‬ولكــن إيليــن كانــت‬
‫تطمئننــى‪،‬وتخبرنــى أنهــا متأكــدة مــن نجاحــى فــى االختبــار الثانــى‪،‬وانهــا‬
‫ســتظهر لــى فــى حياتــى الحقيقيــة‪،‬ظلــت إيليــن تطمئننــى‪،‬كانــت تهتــم بكافــة‬
‫شــئونى‪،‬أصبحــت ال أتخيــل نفســى فــى حياتــى الســابقة‪،‬تذكــرت حيــن قيــل‬
‫لــى فــى يومــى األول هنــا‪،‬أن المحظوظــون هــم مــن أتــوا الــى أرض البرونز‪.‬‬
‫غــدا يــوم االختبــار الثانــى‪،‬وبنــاءا ً عليــه ســأعود لحياتــى القديمــة‪،‬ســأعود‬
‫للوحــدة مــرة أخــرى‪،‬إيليــن قالــت لــى‪:‬هنــاك أمــر أريــد أن أخبــرك بــه‪،‬حــي‬
‫تعــود لحياتــك ســتعود فــى نفــس الوقــت الــذى كنــت بــه هنــاك‪،‬وســتكون‬
‫الفتــرة التــى مكثتهــا هنــا بمثابــة حلــم كبيــر حلمــت بــه‪،‬أخبــرك بذلــك حتــى‬
‫ال تصــدم بعودتــك‪،‬وتشــك فــى قدراتــك العقليــة‪،‬ال تخشــى فقدانــى‪،‬حياتنــا‬
  ‫ســتصبح أجمــل فــى حياتــك الحقيقيــة‪،‬انتظــر وســترى‪.‬‬
‫اســتيقظت باكــرا ً فــى اليــوم التالــى‪،‬وقامــت زوجتــى الحبيبــة بإعــداد فطورى‬
‫اللذيــذ‪،‬وتمنــت لــى التوفيــق‪،‬اصطحبتنــى وذهبنــا ســويا ً الى الســاحة الكبرى‬
‫‪،‬بــدأ جميــع االعضــاء الجــدد يتجمعــون فــى الســاحة‪،‬ثــم رأيــت االعــان عــن‬
‫نتائــج فتــرة التقييــم الثانيــة‪،‬ظهــرت الشاشــة أمامــى مكتــوب عليهــا اســمى‪،‬‬
  ‫ومهنتــى الجديــدة‪،‬واســم زوجتى‪،‬‬
‫وتــم كتابــة جملــة تهانينــا لقــد اجتــزت فتــرة اقامتــك بــأرض البرونــز بنجــاح‬
‫ســاحق‪،‬لــذا ستســتعيد حياتــك القديمــة والعــودة الــى حياتــك الحقيقــة‪،‬بجانــب‬
‫ســعادتك هنــا بــأرض البرونــز‪،‬ســتظهر زوجتــك لــك مــرة أخــرى ولكــن فــى‬
‫حياتــك الحقيقيــة‪،‬كل مــا تعلمتــه هنــا هــى خبــرات اكتســبتها فعليــًا‪،‬وهــى‬
‫خبــرات حقيقــة‪،‬وتســتطيع ممارســة هــذا العمــل فــى حياتــك الحقيقيــة‬
‫العــودة ســتكون الليلــة‪،‬ســيفتح الممــراآلن لــكل مــن نجــح فــى التقييــم‪،‬رأيــت‬
‫الدمــوع فــى عيــون زوجتــى‪،‬ولكنهــا أخبرتنــى انهــا ســعيدة مــن أجلــى‪،‬قلــت‬
‫لهــا‪:‬ســأفتقد الحيــاة هنــا معــك‪،‬فقالــت ال تقلــق‪،‬ستســتعيد ســعادتك كاملــة‪،‬‬
‫ســتصبح حياتــك الجديــدة أفضــل كثيــرا ً مــن حياتــك الســابقة‪،‬هيــا اذهــب قبــل‬
‫غلــق الممــر‪،‬قلــت لهــا واذا غلــق وانــا هنــا‪،‬قالــت‪:‬ســتضيع فرصتــك فــى‬
  ‫العــودة لحياتــك ولــن أكــون زوجتــك هنــا مــرة أخــرى‪،‬‬


‫وصمتــت برهــة وهــى تبكــى ثــم اســتطردت حديثهــا وقالــت‪:‬الســبيل الوحيــد‬
‫لجمعنــا ســويا ً هــو أن تعــود ألرضــك الحقيقيــة‪،‬قالــت لــى هيــا قبــل غلــق‬
‫الممــر‪،‬كلماتهــا تلــك أصابتنــى بحالــة مــن الرعــب‪،‬فلــم أكــن أقــوى علــى‬
‫تركهــا‪،‬ولكنــى أدرك جيــدا ً أننــى يجــب أن أخــرج مــن هنــا فــورًا‪،‬كــى ال يغلــق‬
‫الممــر وتضيــع فرصتــى الحقيقــة فــى لقــاء ايليــن مــرة أخــرى‪،‬بكينــا ســويًا‪،‬‬
  ‫واتفقــت معهــا اننــى ســأجدك حتم ـًا‪،‬فقالــت لــى أنــا فــى عالمــك‬
‫ســأكون قريبــة منــك‪،‬فــا داعــى للبحــث فــى بلــدان أخــرى‪،‬ســأكون بالفعــل‬
 ‫فــى مدينتــك‪،‬كالمهــا هــذا اســعدنى كثيــرًا‪.‬‬
‫انتهــى لقاؤنــا انــا وايليــن‪،‬ووعدتهــا اننــى ســأراها مــرة أخــرى‪،‬وســنعيش‬
 ‫مع ـا ً ســعداء مــا تبقــى مــن حياتنــا‪.‬‬
  ‫وجريت مهروالً للوصول الساحة الكبرى ‪.‬‬
‬‫الفصل اخلامس‬
‫العودة‬
‫تجمعنــا جميعـا ً فــى الســاحة‪،‬مثــل اليــوم األول وتــم تحديــد األشــخاص الذيــن‬
‫إجتــازوا اختبــار أرض البرونــز‪،‬وبالطبــع كنــت منهــم‪،‬تجمعنــا وفجــأة ظهــر‬
 ‫لــكل منــا ممــره الخــاص‪،‬حيــن يتــم النــداء عليــه‪،‬نـ ّ‬
‫ـودى علــى إســمى ورأيــت‬
‫ممريظهــر فجــأة أمامــى‪،‬وقيــل لــى إذهــب يــا نــادر نتمنــى لــك التوفيــق فــى‬
‫حياتــك‪،‬انــت تســتحق حيــاة أفضــل ممــا كنــت تعيشــها‪،‬وقفــت علــى بدايــة‬
‫الممــر‪،‬وســحبنى الممــر الــى شــاطىء البحــر فــى ثــوان معــدودة‪،‬وفجــأة‬
‫غلــق الممــر‪،‬وكأن شــيئا ُ لــم يكــن عــدت الــى شــاطىء البحــر‪،‬نفــس المــكان‬‫ُ‬
    ‫الــذى صعــدت منــه الــى الممــر‪،‬شــعرت بألــم داخلــى كبيــر‪،‬الفتقــادى ُ‬
‫صحبــة‬
‫إيليــن‪،‬أدركــت كــم كنــت ســعيدا فــى أرض البرونــز‪،‬انتابنــى شــعور بالخــوف‬
‫والقلــق والفقــدان‪،‬ولكنــى تذكــرت كلمــات إيليــن بأننــى طالمــا نجحــت فــى‬
‫أرض البرونــز ســأراها هنــا‪،‬وســأعيش معهــا بســعادة‪،‬أصبــح هــذا هــو‬
‫األمــل الــذى أحيــا بــه‪،‬ادركــت معنــى الحــب الحقيقــى‪،‬والمــودة والرحمــة‬
‫بيــن الزوجيــن‪،‬طمأنــت نفســى وقلــت ســأرى إيليــن مــرة أخــرى‪،‬ال أملــك‬
‫ســوى الصبــر‪،‬ســيمنحنى القــدر فرصــة ثانيــة‪،‬ألعــوض مــا فاتنــى مــن‬
‫ســعادة حقيقيــة‪،‬وأعيــش هــذا الحــب مــرة أخــرى‪،‬عــدت الــى قصــرى‪،‬رأيت‬
‫مدبــرة المنــزل كعادتهــا‪،‬تقــول لــى انهــا أعــدت طعــام العشــاء‪،‬باالصنــاف‬
‫التــى طلبتهــا اليــوم‪،‬تذكــرت كلمــة إيليــن‪،‬أن الزمــن فــى أرضــى الحقيقيــة‬
‫لــن يتغيــر‪،‬وســأعود فــى نفــس التوقيــت الــذى ذهبــت فيــه‪،‬قلــت لها‪:‬اننــى ال‬
‫اريــد تنــاول العشــاء‪،‬ســأصعد الــى غرفتــى‪،‬شــعرت بالوحــدة القاتلــة التــى‬
‫كنــت أعيــش فيهــا‪،‬افتقــد إيليــن زوجتــى وحبيبتــى‪،‬متــى ســتظهر أمامــى؟‬
 ‫وأيــن؟‬
‫اننــى فــى حالــة مــن الحــزن الشــديد‪،‬ولكــن لــدى أمــل كبيــر‪،‬انــى ســأراها‬

تم نسخ الرابط