الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

موقع أيام نيوز

‫االضــاءة هنــا تســمعك‪،‬اذا أردت االضــاءة نهاريــة‪،‬ســتقول اريــد نهــارًا‪،‬‬
‫وإذا أردتهــا ليـًا ســتقول ليـًا‪،‬وهكــذا وقــت الشــروق والغــروب‪،‬فتســاءلت‬
‫كيــف يمكــن ذلــك‪،‬فقالــت ان أرض البرونــز لديهــا طاقــة كهربائيــة هائلــة‪،‬‬
‫لهــا نظــام خــاص يختلــف عــن أى مــكان آخــر‪،‬يمكنــك التحــول فــى الضــوء‬

‫هنــا بالصــوت‪،‬الزمــان والمــكان هنــا يختلــف كثيــرا ً عمــا اعتــدت عليــه‪،‬كمــا‬
‫قالــت دعنــا ال نتأخــر عــن وقــت النــوم الننــا سنســتيقظ باكــرا ً فلدينــا الكثيــر‬
   ‫مــن المهــام فــى الغــد‪.‬‬
‫اســتجبت لكالمهــا وعدنــا ســويا ً الــى المنــزل‪،‬واخبرتهــا ان منظــر البحــر‬
 ‫هنــا فــى منتهــى الروعــة‪،‬وســألتها متــى يمكننــى زيارتــه مــرة أخــرى؟‬
‫فقالــت لــى‪:‬يمكنــك زيــارة البحــر مــرة واحــدة اســبوعيا‪،‬وســتعلم أن هنــا‬
‫فــى أرض البرونــز أماكــن أروع مــن البحــر‪،‬انتظــر وســترى انــك تســتمتع‬
   ‫بالحيــاة هنــا‪،‬كالمهــا كان لــه تأثيــر رائــع فــى تحســين حالتــى المزاجيــة‬
‫وجعلنــى أشــعر بالطمأنينــة‪،‬شــكرتها علــى االمســية الرائعــة‪،‬فقالــت لــى‪:‬‬
‫أن هــذا هــو واجبهــا وانهــا يجــب أن تســعدنى قــدر االمــكان ثــم أســتأذنتنى‬
 ‫لالنصــراف‪،‬والذهــاب لغرفتهــا‪،‬واالســتعداد للنــوم ‪.‬‬
‫دخلــت حجرتــى‪،‬وكنــت فــى حالــة ال أســتطيع وصفهــا‪،‬فأنــا ال أعلــم هــل‬
‫مــا يحــدث لــى حقيقــى‪،‬أم أن هــذا مــرض نفســى وتفاقــم بشــدة لدرجــة أن‬
‫الخيــال اختلــط بالواقــع‪،‬ال أعلــم حقيقــة هــذا األمــر‪،‬ولكــن كل شــىء يحــدث‬
‫لــى هنــا هــو جديــد‪،‬وذكريــات أمــى وطعــام إيليــن والخــروج والتنــزه علــى‬
  ‫الشــاطىء‪،‬جعلنى اشــعر انــى بحــال أفضــل‪،‬‬
 ‫حاولــت النــوم واســتغرقت الكثيــر مــن الوقــت فــى محــاوالت للنــوم‪،‬فذاكرتــى‬
 ‫تســترجع كل مــا حــدث اليــوم‪،‬صعــدت إيليــن الــى حجرتــى حيــن ســمعت‬
 ‫صــوت خطواتــى ذهابـا ً وايابـا ً بالغرفــة‪،‬وقامــت بوضع فواحــة عطرية بجوار‬
 ‫الســرير‪،‬وقالــت لــى ان هــذا الزيــت العطــرى سيســاعدك فــى االســتغراق فــى‬
 ‫النــوم‪،‬فشــكرتها‪،‬وابتســمت لــى ابتســامة مالئكيــة جميلــة‪،‬وخرجــت مــن‬
‫غرفتــى وعــادت الــى غرفتهــا‪،‬كنــت افكــر فيمــا يحــدث لــى فلــم أتخيــل يومـا ً‬
 ‫مــا يواجهنــى هنــا‪،‬فمــا أعيشــه اآلن أغــرب مــن الخيــال ذاتــه‬
‫بــدأت أشــعر بتثاقــل عينــى‪،‬بــدأ بعــد انتشــار رائحــة الزيــت العطــرى الــذى‬
‫أحضرتــه ايليــن‪،‬كان لهــذا الزيــت العطــرى تأثيــر ســاحر وســاعدنى علــى‬
‫النــوم‪،‬اســتغرقت فــى النــوم‪،‬ورأيــت حلــم جميــل بإيليــن وهــى تضحــك معــى‬
‫وتتحــدث معــى‪،‬وكأن ليــس بيننــا مســافات اطالقـا ً نتعامــل كزوجيــن محبيــن‪،‬‬
‫ورأيــت جــدى والــدى ووالدتــى ينظــرون الينــا بســعادة‪،‬اســتيقظت علــى‬
‫الفــور وانــا بداخلــى مشــاعر مضطربــة مــن ناحيــة كنــت ســعيد برؤيــة والدى‬
‫ووالدتــى‪،‬النــى لــم أراهــم فــى أى حلــم مــن قبــل‪،‬ومــن ناحيــة أخــرى كنــت‬
‫قلــق لمــا رأيــت وحبــى وتعلقــى بأيليــن فــى الحلــم أزعجنــى‪،‬فهــذا األمــر‬


‫يرعبنــى‪،‬وأخشــى التعلــق بهــا فــا يوجــد مســتقبل لعالقتــى بهــا‪،‬فهــى مــن‬
‫عالــم يختلــف تمامـا ً عــن العالــم الــذى أعيــش فيــه‪،‬و ال أريــد مشــاعر الفقــد‬
‫مــرة أخــرى‪،‬هــذا هــو اكثــر مــا أخشــاه لــذا قــررت فــى قــرارة نفســى أننــى‬
  ‫لــن اتعلــق بهــا وســأتجنب النظــر اليهــا ‪.‬‬
‫اســتيقظت فــى الصبــاح الباكــر علــى صــوت إيليــن‪،‬وهــى تقــول حــان وقــت‬
‫االســتيقاظ‪،‬هيــا يــا نــادر هــذا يومــك األول هنــا‪،‬و يســتيقظ الجميــع فــى‬
‫الخامســة صباحــًا‪،‬اخبرتهــا‪:‬اننــى اعتــدت االســتيقاظ فــى هــذا الموعــد‪،‬‬
‫وفتحــت لــى النافــذة الستنشــق نســمات الصبــاح البــاردة‪،‬وأرى روعــة‬
‫وجمــال البحــر الــذى يظهــر مــن بعيــد‪،‬هــذا المنظــر مــن أروع المناظــر‬
‫الطبيعيــة التــى رأيتهــا علــى االطــاق‪،‬وســمعت تغريــد الطيــور‪،‬كانــت تغــرد‬
 ‫بتناغــم وتناســق كإنهــا تشــدو أغنيــة مــن أجمــل األغانــى ‪..‬‬
‫قالــت إيليــن لــى‪:‬هيــا اغتســل‪،‬وال تتعجــب حيــن تــرى مــاء االســتحمام‬
‫برونــزى اللــون‪،‬دخلــت الــى حــوض االســتحمام‪،‬ورأيــت بالفعــل ميــاة‬
‫االســتحمام ذات لــون برونــزى المــع‪،‬تفــوح منهــا رائحــة عطريــة أخــاذة‪،‬‬
‫لــم أستنشــق عبيرهــا مــن قبل‪،‬بالرغــم مــن أننــى ســافرت معظــم دول العالــم‪،‬‬
‫فلــم يصادفنــى هــذا العطــر‪،‬وال أســتطيع وصفــه‪،‬تملكنــى الفضــول واردت‬
‫تجربــة ذلــك‪،‬دخلــت بالفعــل ألســتحم‪،‬وشــعرت بهــدوء نفســى غريــب‪،‬‬
‫وللوهلــة األولــى تخيلــت أننــى وســط حديقــة تملؤهــا الزهــور العطريــة‪،‬‬
‫تفــوح منهــا أجمــل الروائــح‪،‬تملكنــى احســاس رائــع باالنتعــاش‪،‬وتجديــد‬
‫الطاقــة‪،‬شــعرت بالنشــاط والقــوة التــى كنــت أفتقــد اليهــا‪،‬وحيــن قاربــت‬
‫االنتهــاء مــن االســتحمام ســمعت صــوت مالئكــى يشــدو أغنيــة رقيقــة‪،‬عــن‬
‫جمــال الصبــاح‪،‬خرجــت مــن حجرتــى وتتبعــت هــذا الصــوت الجميــل وكانــت‬
‫المفاجــأة‪،‬فزوجتــى هــى التــى تشــدو أثنــاء قيامهــا بتجهيزطعــام الفطــور‪،‬‬
‫ـرت الــى نظــرة خاطفــة وقالــت لــى‪:‬فــى ثوانــى قليلــة ســأقوم بتجهيــز‬    ‫نظـ َ‬
‫المائــدة‪،‬ولــن تنتظــر طويـًا‪،‬شــكرتها علــى ذلــك‪،‬فاجأتنــى زوجتنــى للمــرة‬
‫الثانيــة بإعــداد أصنــاف متنوعــة مــن االطعمــة منهــا البانكيك الفرنســى‪،‬وهو‬
‫مــن االطعمــة التــى أحبهــا بــل أعشــقها‪،‬وعصيــر البرتقــال الطــازج الــذى‬
‫اعتــدت عليــه منــذ صغــرى‪،‬والشــىء الــذى أدهشــنى هــو رائحــة الخبــز‬
‫الــذى كانــت تعــده أمى‪،،‬كمــا قامــت بتنســيق حزمــة مــن الزهــور العطريــة‪،‬‬
‫ووضعتهــا وســط المائــدة‪،‬تذكــرت علــى الفورفطــور أمــى الشــهى واللذيــذ‬
‫الــذى كانــت تعــده كل صبــاح‪،‬أيضـا ً أســلوب زوجتى يشــبه الى حد ما أســلوب‬
‫أمــى الراقــى‪،‬غمرنــى احســاس بالســعادة حيــن رأيــت هــذا الفطور‪،‬وشــعرت‬

تم نسخ الرابط