الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

موقع أيام نيوز

 ‫اســتأذنت إيليــن لمقابلتــى لكــى تشــكرنى علــى ذلــك‪،‬وأخبرتنــى ان تلــك‬
 ‫الحجــرة كانــت تراهــا بأحالمهــا منــذ صغرهــا‪،‬وانهــا بهــا كل مــا تتمنــاه‬
 ‫وأكثــر‪،‬ووعدتنــى انهــا ســوف تبــذل قصــارى جهدهــا فــى عملهــا داخــل‬
 ‫القصر‪،‬أخبرتهــا اننــى ســعيد لســعادتها تلــك‪،‬وأخبرتهــا ان دراســتها تهمنــى‬

 ‫وانــى اريدهــا أن تحــرص علــى دراســتها ألن مشــروع المزرعــة يحتاجهــا‪،‬‬
 ‫وانهــا ســيكون عليهــا معاونتــى فــى هــذا المشــروع‪،‬شــعرت إيليــن بالســعادة‬
 ‫ورأيــت بريــق عينيهــا يــزداد‪،‬كمــا حــدث باالمــس حيــن تحدثت عــن المزرعة‬
‫خاصتنــا‪،‬انهــا ال تعلــم ان هــذا هــو مشــروعنا‪،‬واننــى قمت بانشــاؤه خصيصا ً‬
 ‫لهــا‪،‬وللعثــور عليهــا‪،‬واننــا ســنعمل عليــه مع ـا َ ســيجمعنا هــذا المشــروع‬
  ‫ســويًا‪.‬‬
‫ســألتها مــا هــى أيــام دراســتك؟ قالــت‪:‬انهــا تذهــب للجامعــة ثالثــة ايــام‬
‫باألســبوع االحــد والثالثــاء والخميــس‪،‬وانهــا ســتحاول التوفيــق بيــن‬
‫الدراســة والعمــل‪،‬وســألتنى انهــا الحظــت وجــود كمبيوتر محمــول بحجرتها‪،‬‬
‫فأخبرتهــا انــه لهــا لمعاونتهــا بالدراســة‪،‬رأيــت الدهشــة تعلــو وجههــا مــرة‬
 ‫أخــرى‪،‬‬

‫فابتســمت واخبرتهــا‪:‬انهــا تســتحق ذلــك طالمــا تقــوم بإعــداد االصنــاف‬
  ‫التــى أحبهــا‪.‬‬
‫شكرتنى إيلين وهمت باالنصراف‪.‬‬
‫دخلــت المطبــخ وبــدأت فــى اعــداد االطبــاق واالصنــاف التــى أحبهــا فاليــوم‬

‫يــوم االثنيــن وهــو أجــازة مــن الجامعــة‪،‬ســمعت صوتهــا وهــى تتمتــم ببعض‬
‫األغانــى التــى تحبهــا كمــا كانــت تفعــل فــى أرض البرونــز‪،‬هــى إيليــن ذاتهــا‬
‫بجمبــع عاداتهــا‪،‬وطريقتهــا‪،‬اتمالــك نفســى بصعوبــة شــديدة‪،‬فأنــا اريــد‬
 ‫التعبيــر عــن مشــاعرى أمامهــا‪،‬اريــد اخبارهــا بمــدى حبــى لهــا‪.‬‬
‫انتهــت إيليــن مــن اعــداد الطعــام والحلــوى‪،‬قامــت بإعــداد المائــدة‪،‬‬
‫واســتأذنتنى بإحضــار بعــض الزهــور مــن الحديقــة‪،‬قامــت بإعــداد المائــدة‬
‫كمــا كانــت تعدهــا فــى أرض البرونز‪،‬بنفــس التفاصيــل الصغيــرة‪،‬واللمســات‬
‫الرقيقــة‪،‬نظــرت اليهــا نظــرة اعجــاب‪،‬وفاجئتنــى حيــن نظــرت الــى عينــى‬
‫مباشــرة‪،‬ثــم رأيــت حمــرة الخجــل تعلــو وجههــا‪،‬تجنبــت النظــر اليهــا‬
‫مــرة أخــرى حتــى ال أُشــعرها باالحــراج‪،‬واســتكملت طعامــى‪،‬شــعرت انهــا‬
‫تعرفنــى ولــو قليـاَ‪،‬وتناولــت الطعــام الــذى قامــت بإعــدادة ببــطء‪،‬وطلبــت‬
‫منهــا الجلــوس معــى وتنــاول الطعــام معــى بــدءا مــن اليــوم‪،‬فاســتنكرت‬
‫ذلــك وســألتنى‪:‬لمــا أنــا علــى وجــه التحديــد؟ اخبرتهــا اننــى ال اريــد تنــاول‬
‫الطعــام بمفــردى‪،‬واننــى اريــد صحبــة معــى‪،‬كمــا قلت لهــا‪:‬انتــى اآلن طالبة‬
‫جامعيــة‪،‬وســتصبحين مهندســة زراعيــة قريبـًا‪،‬وايضـا ً ســتعملين معــى فــى‬
‫مشــروعى الزراعــى‪،‬وقــد تكونيــن ذات يــوم مــن كبــار المســاهمين فــى هــذا‬
‫المشــروع‪،‬ابتســمت حيــن أخبرتهــا بذلــك‪،‬وقالــت‪:‬انهــا ال تملــك أى أمــوال‬
‫تســاعدها فــى المســاهمة فــى مثــل هــذ المشــرع‪،‬فأخبرتهــا ان مســاهمتها‬
‬ ‫ســتكون بالمجهــود‪،‬وســيكون هــذا المشــروع فرصــة كبيــرة للشــباب‬
‫أمثالهــا‪،‬لــذا طلبــت منهــا مــرة أخــرى أن تجلــس معــى‪،‬وان تعتــاد تنــاول‬
     ‫الطعــام معــى‪،‬فابتســمت وشــعرت باالمتنــان وشــكرتنى علــى ذلــك‪.‬‬
‫تناولــت الطعــام معــى فــى هــدوء‪،‬كنــت انظــر لهــا نظــرات خاطفــة دون أن‬


‫تــدرى‪،‬فأنــا فــى منتهــى الســعادة‪،‬تحدثــت معهــا فــى العديــد مــن األمــور‬
‫تحدثــت عــن هواياتهــا‪،‬وعشــقها للقــراءة‪،‬والزراعــة والطبــخ‪،‬وأخبرتهــا‬
‫ان الزراعــة هــى هوايتــى المفضلــة‪،‬و قلــت لهــا ذلــك ألنــى أعلــم جيــدا ً أن‬
‫طلبــة كليــة الزراعــة يقومــون بعمــل تدريبــات فــى األراضــى الزراعيــة‪،‬لــذا‬
‫يمكنــك القيــام بكافــة لتجــارب التــى فــى حديقــة القصــر‪،‬عــدا ركــن محــدد‬
‫بــه بعــض النباتــات النــادرة التــى قــام والــدى بزراعتهــا ورعايتهــا‪،‬شــعرت‬
 ‫بســعادتها وقالــت لــى‪:‬انهــا ال تصــدق مــا يحــدث‪،‬مــا كل هــذا العطــاء؟‬
‫انهــا لــم تتخيــل وجــود أشــخاص بهــذا الكــرم تجاههــا‪،‬وســألتنى كيــف‬
 ‫تســتطيع رد هــذا الجميــل؟‬
 ‫قلت لها‪:‬هذا طبيعى قومى فقط بإعداد األطباق الشهية التى أحبها‪.‬‬
 ‫فضحكت ووعدتنى انها ستعد لى أروع األطباق‪.‬‬
‫انتهينــا مــن تنــاول الطعــام‪،‬واســتأذنت بالدخــول لحجرتهــا لالنتهــاء مــن‬
‫فروضهــا الجامعيــة‪،‬تمنيــت لــو جلســت معــى قليــا‪،‬ولكنــى لــم أمانعهــا‪.‬‬
‫ذهبــت إيليــن الــى غرفتهــا‪،‬وانــا اجلــس فــى حجــرة قريبــة مــن حجرتهــا كــى‬
  ‫أشــعر بهــا ‪.‬‬
‫تمنيت لو خرجت مرة أخرى ‪.‬‬

‫خرجــت الستنشــاق الهــواء فــى حديقــة القصــر‪،‬وأنــا فــى طريقــى رأيتهــا‬
‫تخــرج مــن حجرتهــا‪،‬فســألتها هــل انتهيتــى مــن فروضــك الجامعيــة‪،‬‬
‫فأخبرتنــى بأنهــا لــم تنتهــى بعــد‪،‬ولكنهــا قامــت لتعــد لــى العشــاء‪،‬أخبرتهــا‬
‫اننــى اريــد تنــاول وجبــة العشــاء فــى الحديقــة‪،‬وطلبــت مــن العمــال تجهيــز‬
‫مــكان للعشــاء فــى الجــزء الخــاص بزهــور الالفنــدر‪،‬الزهــور التــى تعشــقها‬
  ‫إيليــن ‪.‬‬
‫قامــت إيليــن بإعــداد العشــاء‪،‬حين استنشــقت إيليــن رائحــة زهــور الالفندر‪،‬‬
‫رأيتهــا تغمــض عينيهــا وترفــع رأســها‪،‬كأنهــا تســتمتع بتلــك اللحظــة‪،‬رأيــت‬
‫تعبيــر عــن الشــعور بالرضــا يعلــو وجههــا‪،‬تظاهــرت بأننــى لــم أرى هــذا‬
‫التعبيــر‪،‬ولكــن بالطبــع غمرنــى احســاس بالســعادة حيــن بلغنــى احساســها‪،‬‬
‫قامــت بإعــداد أصنــاف شــهية‪،‬وجلســنا ســويا نتحــدث ونتســامر‪،‬أخبرتنــى‪:‬‬
‫عــن مــدى شــغفها بدراســتها‪،‬وانهــا تعمــل لكــى تســتطيع ســداد رســومها‬
  ‫الجامعيــة‪،‬فهــى ال تملــك المــال‪،‬وعليهــا إعالــة نفســها‪.‬‬
‫نظــرت اليهــا نظــرة توحــى بالتقديــر واالحتــرام‪،‬فهــى إيليــن التــى أعرفهــا‪،‬‬
‫ذات الشــخصية الرائعــة‪،‬التــى تحمــل مــن القيــم مــا يجعلهــا قــدوة لبنــات‬
‫جيلهــا‪،‬تحدثــت عــن نفســى معهــا قلي ـًا‪،‬أخبرتهــا ببعــض المشــاريع التــى‬
‫أقــوم بهــا‪،‬واهتمامــى مؤخــرا ً بالزراعــة‪،‬وتكلمــت معهــا عــن المزرعــة‪،‬‬
‫ووصفــت لهــا االدوات التــى قمــت بشــرائها لذهــذا المشــروع‪،‬وتناقشــنا‬
‫ســويًا‪،‬وكنــت أالحــظ ســعادتها حيــن تتحــدث عن الزراعــة ضخــم‪،‬وأخبرتها‬
‫أيضـا ً اننــى أقــوم بنفســى باالشــراف علــى المزرعــة‪،‬تذكــرت حينهــا حياتنــا‬
‫بــأرض البرونــز‪،‬شــعرت أن هــذا الحديــث يجذبهــا‪،‬وشــعرت انهــا تتجــاوب‬
 ‫وتتجــاذب معــى أطــراف الحديــث ‪.‬‬
‫سكتَت قليالً ثم سألتنى أين تعلمت الزراعة ؟‬
‫لــم أســتطتع أن أخبرهــا بــأرض البرونــز ولكنــى أخبرتهــا‪:‬اننــى أعلــم الكثيــر‬
‫مــن أمــور الزراعــة مــن والــدى‪،‬حيــث كان يعشــق الزراعــة وطــورت مــن‬
‫معرفتــى باالطــاع‪،‬واننــى أســتطيع مســاعدتها فــى دراســتها اذا ارادت‪،‬‬
              ‫شــكرتنى علــى االمســية الجميلــة وأســتأذنت لإلنصــراف للنــوم‬
‫فاجئتنــى بإســتئذانها فأنــا لــم انتهــى مــن الحديــث معهــا‪،‬كنــت أريــد قضــاء‬

تم نسخ الرابط