الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان
الفصل الرابع
االختالط باآلخرين
شــعرت باالنزعــاج فأنــا ال أحــب االختــاط،خاصــة مــع أشــخاص ال أعلــم
عنهــم شــىء .
وقلت لها:أننى ال أحب اإلختالط باآلخرين .
فقالــت لــى:أعلــم جيــدا ً مــا تحــب وتكــره ولكــن هنــا فــى أرض البرونــز
عليــك أن تنســى كل مــا إعتــدت عليــه،هنــا ســتتغير كل المفاهيــم بداخلــك،
معــى،كــى تســتطيع،تحقيــق مــا تتمنــى،وســتتعلم أســرار كثيــرة عــن عالمنــا
هنــا،وكيــف تســتفيد منهــا فــى عالمــك الحقيقــى .
فأومــأت رأســى بالموافقــة،ولكنــى مجبــر علــى فعــل ذلــك،كى تنتهــى مهامى
يتمناها أى إنســان..
فــى اليــوم التالــى،اســتيقظت علــى صــوت غنــاء إيليــن،هــذا فــى حــد ذاتــه
يبعــث الطمأنيــه فــى النفــوس،ويحــرك القلــوب مــن مكانهــا،قمــت ودخلــت
لالغتســال كعادتــى اليوميــة،كل يــوم يختلــف عطــر مــاء االســتحمام عــن
اختلــف عطــر الصبــاح اليــوم عــن أمــس؟
فقالــت لــى:كمــا أخبرتــك ســابقا ً الزيــوت العطريــة تســتخدم هنــا كعــاج طبى،
وحيــن تدخــل لالغتســال يتــم تحديــد الزيــوت المناســبة لــك،والتــى تناســب
لــذا يحــدد الجهــاز مــا يناســبك مــن عطــور
ثــم قالــت ايليــن:هيــا تنــاول فطــورك،و لنســتعد لدينــا اليــوم أعمــال كثيــرة،
فــى الصبــاح ســنذهب ســويا ً لحصــد المحصــول،الــذى قمنــا بزراعتــه أمــس،
كمــا أخبرتــك مــن قبــل
تناولنــا فطورنــا،وقمنــا باالســتعداد للعمــل،خرجنــا ســويا ً وقمــت بإســتخدام
جهــاز المعلــم الضوئــى طريقــة حصــاد المحصــول،فــاالرض هنــا فــى أرض
البرونــز الوقــت فيهــا يختلــف كثيــرا ً عــن األرض التــى اعتــدت عليها،كمــا
علــى العمــل
جنبــا ً الــى جنــب فــى حصــاد األرض،وكانــت إيليــن تُهــون
الشــاق،وتحولــه الــى متعــة،وكانــت تحضــر لــى مــاء وطعــام،وكلمــا رأتنــى
متعبـا ً كانــت تقــوم بالتخفيــف عنــى بحديثهــا الشــيق،وتشــجيعى المســتمر،
رأيتهــا بالفعــل إمــرأة فاتنة،بــكل مــا تحمــل الكلمــة مــن معانــى،لــم أســتطع
ابعــاد نظراتــى عنهــا،فهــى بالفعــل إمــرأة ســاحرة،ورأيــت المعنــى الحقيقــى
لمصطلــح الزوجــة الصالحــة،ثــم انتهــى يومنــا وعدنــا الــى المنــزل،حيــن
دخلنــا للمنــزل،قالــت لــى:إغتســل اآلن حتــى يســتريح جســدك مــن عنــاء
اليــوم،وســأقوم بإعــداد الغــذاء،بعدمــا انتهيــت مــن االغتســال رأيتهــا
بالمطبــخ تعــد الطعــام،وقدمــت لــى طبــق مــن الفاكهــة،وقالــت لــى:تنــاول
هــذا حتــى ينتهــى الطعــام،وبعــد فتــرة وجيــزة تناولنــا الغــذاء الشــهى،
والطعــام الــذى أحبــه،وجلســنا ســويا ً نتحــدث،وبدأنــا نتجــاذب اطــراف
الحديــث،بــدأت أعــرف إيليــن أكثــر وأكثــر،ســألت إيليــن عــن تعليمهــا قالــت
لــى:أننــى تعلمــت فــى مــدارس أرض البرونــز،وهنــا التعليــم يختلــف كثيــرًا،
عــن التعليــم لديكــم،فالطالــب يتعلــم فــى الخمــس ســنوات األولــى،مبــادىء
عامــة مثــل القــراءة والكتابــة ومعرفــة عامــة،ثــم يتخصــص فــى الخمــس
ســنوات األخــرى فــى المجــال الــذى يختــاره بحــب،حتــى تتعمــق دراســته
بشــكل أكبربعــد ذلــك،وال يوجــد نظــام مجمــوع أو درجــات،ولكــن هنــا يوجــد
نظــام اتقــان،فالدراســة ليســت نظريــة فقــط،بــل هــى عمليــة ايضـًا،وتعتمــد
علــى التدريــب العملــى بشــكل كبيــر،وكلمــا زادت درجــة االتقــان فــى األعمال
المختلفــة،تتحــول األعمــال الــى اللــون البرونــزى،وهــذا يعنــى ان المتقــدم
لالختبــار قــام بإجتيــازه وهكــذا،ثــم توقفــت إيليــن عــن الحديــث برهــة،ثــم
اســتأنفت حديثهــا وقالــت:أعلــم انــك تتســاءل لمــاذا تــم اختيــارى علــى وجــه
التحديــد كزوجــة لــك؟ فقلــت لهــا:لمــاذا؟
قالــت:نظــام تحليــل الشــخصية الــذى قــام بــه النظــام،هــو الــذى يحــدد
نســبة التوافــق بيننــا،فمــن احــد اســباب اختيــار النظــام لــى كزوجــة لــك هــو
دراســتى لمجــال الزراعــة،وهــذا هــو العمــل المناســب والــذى حــدده النظــام
لــك،والــذى يبــرز قدراتــك وامكانياتــك الحقيقيــة،وطباعــى هــى الطبــاع التــى
تالئمــك،وتتأقلــم معــك بدرجــة كبيــرة وهكــذا .
ثــم ســألتنى إيليــن عــن تخصصــى وطبيعــة دراســتى،اخبرتهــا اننــى درســت
الهندســة المعماريــة اقتــداءا ً بوالــدى،تحدثــت أيضـا ً عــن حياتى قبــل المجىء
الــى هنــا،هــذه هــى المــرة األولــى التــى اتحــدث فيهــا عــن نفســى،فأنــا لــم
أعتــد الحديــث مــع اآلخريــن عــن أمــورى الخاصــة،والغريــب اننــى شــعرت
اليــوم أن صحبتهــا ممتعــة،واألغــرب اننــى لــم أتضايــق اليــوم،بالرغــم مــن
العمــل الشــاق .
انتهــى يــوم العمــل الطويــل وحــان وقــت القيلولــة،قمــت لالســتعداد
للنوم،استنشــقت عبيرزهــرة الالفندريفــوح مــن حجرتى،وانــا بالفعــل
أعشــق تلــك الرائحــة،حيــث كان والــدى يقــوم بزراعــة الالفنــدر فــى حديقــة
المنزل،وعلمــت فيمــا بعــد ان زهــور الالفنــدر تســتخدم لالســترخاء،حيــث
انــه يقــوم بتهدئــة األعصــاب،وعــاج مثالــى لــأرق،شــعرت بالدهشــة مــن
أســلوب زوجتــى كثيــرا ً وحرصهــا علــى طمأنتــى،وتأكدهــا مــن شــعورى
بالراحــة،نمــت بالفعــل واســتيقظت بعــد ســاعتين علــى صــوت زوجتــى
الجميــل،وهــى تقــول لــى انتهــى وقــت القيلولــة يــا نــادر،شــكرتها علــى
لفتــة زهــور الالفنــدر،قالــت لــى:انهــا تعشــقها هــى أيضــًا،وان زهــور
الالفنــدر هنــا ليــس بهــا أى مــواد كيميائيــة فــى زراعتهــا،فهــى عضويــة
تمام ـا ً لــذا تأثيرهــا الطبــى يكــون كبيــر.