الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان
لــذا علــى كل منكــم اإلجتهــاد،حتــى يســتطيع التعايــش هنــا،والزوجــة التــى
اُختيــرت لكــم ستســاعدكم فــى أعمالكــم .
تــم توزيعنــا علــى منازلنــا الجديــدة،منــازل صغيــرة،مفروشــة بأثاث بســيط،
حــول منزلــى أرض كبيــرة ويجــب علـ ّ ـى زراعتها.
دخلــت المنــزل انــا وإيليــن المفتــرض انهــا زوجتــى،هــى بالفعــل رائعــة
واســتيقظ علــى عــدم وجودهــا فــى حياتــى،طلبــت منهــا بــكل غلظــة النــوم
فــى حجــرة أخــرى،فابتســمت ووافقــت.
وقالــت لــى:أنــت فــى منزلــك غيــر مجبــر علــى فعل شــىء ال تريــده،وبالفعل
المجهــول يتزايــد بداخلــى،ولكــن عالمــات االســتفهام فــى رأســى فــى تزايــد
مســتمر،دخلــت حجرتــى فأنــا مرهــق وجائــع،شــممت رائحــة الطعــام
الــذى كانــت تعــده والدتــى،كنــت أشــتاق لهــذه الرائحــة،حتــى اننــى جربــت
أصــادف نهائي ـا ً طعــام مثــل طعــام أمــى الــذى أحبــه بــل أعشــقه،فخرجــت
مــن حجرتــى علــى رائحــة تلــك االطعمــة الشــهية،رأيــت زوجتــى وقــد
قامــت بإعــداد الطعــام والمفاجــأة الكبــرى،أن هــذا الطعــام ال يماثــل رائحــة
أحبهــا،وطريقــة وضعهــا علــى المائــدة،ونظــرت لــى بابتســامة مالئكيــة،
ونظــرة حنونــة وقالــت لــى:بالتأكيــد أنــت جائــع فلــم تتنــاول الطعــام طــوال
اليــوم،عاندتهــا بالرغــم مــن جوعــى الشــديد
نظــرت لــى نظــرة حنونــة وقالــت لــى:ال يوجــد هنــا مــا يجبــرك علــى شــىء
والحيــاة هنــا هــى بملــىء ارادتــك واختياراتــك الحــرة،ولكــن نتائــج تلــك
االختيــارات قــد تســبب لــك المعانــاة والمكــوث طويــا هنــا،فنظــرت اليهــا
اذا لــم تتنــاول طعامــك لــن تقــوى علــى االســتمرار وســيتوالى فشــلك وهــذا
يعنــى أن اقامتــك هنــا ســتمتد مــدة أطــول،شــعرت أن كالمهــا يحمــل فــى
اعماقــه مغــزى كبيــر،واننــى يجــب أن أكــف عــن هــذا العنــاد وأن أحــاول أن
أنتهــى ممــا أنــا فيــه بالفعــل،فجلســت ووافقــت علــى تنــاول الطعــام،وقامــت
بتقديــم االصنــاف الشــهية التــى قامــت بإعدادهــا فــى وقــت قليــل،حيــن رأيت
الطعــام شــعرت كــم أنــا جائــع،وأردت تنــاول الطعــام بشــدة،خاصــة حيــن
رأيــت االصنــاف التــى كانــت تعدهــا والدتــى،حيــن تذوقــت مــا
أعدتــه زوجتــى،شــعرت بســعادة حقيقيــة ولكنــى أخفيــت عنهــا هذا الشــعور،
فأنــا أجهــل طبيعــة مــا يحــدث،ولكــن مــا جعلنــى أشــعر بالســعادة هــو ان
الطعــام هــو نفــس طعــام أمــى الشــهى،الطعــم كان اليوصــف،وال يســتطيع
أفضــل شــيف فــى العالــم إعــداده،لــم اســتطع الســيطرة علــى شــهيتى،أكلــت
بنهــم فأنــا كنــت متشــوق لطعــام والدتــى الرائــع باالضافــة الــى قــواى الخائــرة
مــن شــدة الجــوع،ثــم انتهيــت مــن طعامــى وشــكرتها علــى ذلــك،فابتســمت
ابتســامة رقيقــة،ونظــرت لــى نظــرة ملؤهــا الحنــان،كأنهــا تقــول لــى اتمنــى
أن أراك أســعد زوج بالعالــم،ثــم ردت بــكل رقــة وقالــت ال شــكر علــى واجــب،
ثــم اســتأنفت حديثهــا وقالــت،لقــد علمــت أنــك تحــب النظــر الــى البحــر ليـًا،
وأخذتنــى الــى حجــرة نومــى،ورأيــت بهــا نافــذة كبيــرة تطــل علــى البحــر،
وقالــت لــى فــى الصبــاح ستســمع أصــوات الطيــور تغــرد،وســترى جمــال لــم
تــراه مــن قبــل.
حيــن ســمعت منهــا ان هنــا يوجــد بحــر،وهــو أمــام المنــزل مباشــرة،ســألتها
هــل أســتطيع الخــروج للبحــر اآلن،فانــا بحاجــة للجلــوس أمــام البحــر ليـًا،
قالــت لــى:اليــوم تســتطيع النــه ال يوجــد برنامــج لهــذا اليــوم،أمــا باقــى
االيــام ســتكون مشــغول فــى جميــع فتــرات اليــوم،لــذا يمكنــك اصطحابــى
معــك،واســتطردت حديثهــا وقالــت،أعلــم جيــدا َ مــا يــدور بخلــدك،أنــت تحــب
الخــروج بمفــردك،ولكــن هنــا الحيــاة مختلفــة كثيــرا ً لــن تســتطيع الوصــول
للبحــر بالرغــم مــن رؤيتــك لــه،ال البــد أن أكــون معــك لكــى أســاعدك فــى
دخــول البحــر،فوافقــت علــى خروجهــا معــى وبالطبــع كنــت مضطــر لذلــك،
خرجنــا ســويا ً رأيــت الطــرق فــى ارض البرونــز تتحــرك مثــل الممــر الــذى
والتــى ظهــر أمامــى،فحيــن اريــد االنتقــال مــن ناحيــة الــى أخــرى،ال انتقــل
بنفســى بــل أقــف عنــد بدايــة الطريــق والطريــق نفســه يتحــرك،بنفــس تقنيــة
ممــر أرض البرونــز الــذى وقفــت عليــه وســحبنى لداخــل القبــة،حقـا ً شــىء
أغــرب مــن الخيــال،وصلنــا الــى البحــر ســويا ً وقالــت لــى:ســأجلس بعيــد
عنــك لكــى تســتمتع بوقتــك علــى البحــر،وبالفعــل جلســت أمــام الشــاطىء
ورأيــت بحــر لــم ارى فــى جمالــه مــن قبــل،زرقــة المــاء ســاحرة،شــعرت
باالســترخاء،رغــم عنــاء اليــوم الطويــل،رأيــت أيضـا ً اضــاءة متفرقــة علــى
الشــاطىء تجعــل البحــر يظهــر كأنــه فــى وقــت الغــروب،اقتربــت ايليــن مــرة
اخــرى وقالــت لــى:ســأخبرك بشــىء هــام،كــى تســتمتع بوقتــك أمــام البحــر،