الحكمة في ارض البرونز بقلم د.رحاب سليمان

موقع أيام نيوز

‫وقــت اطــول بصحبتهــا‪،‬فقلــت لهــا‪:‬أعلــم أنــك لديــك جامعــة غــدا ً قالــت ‪:‬‬
‫نعــم واســتطردت حديثهــا لــذا اريــد النــوم اآلن ألنــى سأستســتيقظ باكــرا َ كــى‬
  ‫أقــوم بإعــداد طعــام الفطــور‪،‬قبــل الذهــاب للجامعــة ‪.‬‬
‫شــعرتُ بمــدى احتياجــى لهــا‪،‬وكــم كنــت افتقدهــا‪،‬‬‫توجهــت الــى غرفتهــا‪،‬و َ‬

‫صعــدت الــى غرفتــى وانــا أكاد أحلــق مــن الســعادة‪،‬ال أصــدق اننــى قضيــت‬
‫كل هــذا الوقــت مــع إيليــن‪،‬اننــى اتقــرب منهــا بالفعــل‪،‬اســتطعت النــوم تلــك‬
‫الليلــة‪،‬اســتيقظت باكــرا ً كعادتــى‪،‬قمــت باالغتســال وارتــداء حلــة رماديــة‬
‫اللــون وقميــص بنفســجى فاتــح‪،‬وتعطــرت بعطــرى الخــاص‪،‬خرجــت مــن‬
‫غرفتــى ورأيــت إيليــن تعــد مائــدة الفطــور‪،‬كانــت ترتــدى فســتان ابيــض‬
‫يناســب لــون بشــرتها وعينيهــا الصافيتيــن‪،‬يضفــى عليهــا لمحــة مالئكيــة‪،‬‬
‫شــعرت بالغيــرة حيــن تذكــرت ان عليهــا الذهــاب للجامعــة اليوم‪،‬فهــى بالفعل‬
‫جميلــة بشــكل ال يصــدق‪،‬طلبــت منهــا الجلــوس معــى‪،‬كانــت متــردة قلي ـاَ‪،‬‬
‫ولكــن بعــد الحــاح منــى وافقــت‪،‬وجلســت معــى‪،‬انتهينا مــن الفطــور‪،‬وطلبت‬
‫منــى االنصــراف للجامعــة‪،‬فقلــت لهــا ان جامعتــك فــى نفــس طريــق شــركتى‪،‬‬
  ‫خرجنــا ســويًا‪،‬قــام عــم فــاروق الســائق بفتــح بــاب الســيارة الخلفــى لــى‪،‬‬

‫ثــم اتجهــت إيليــن للبــاب األمامــى لكــى تجلــس بجــواره ‪،‬شــعرت بالضيــق‪،‬‬

‫كنــت أريدهــا أن تجلــس بجــوارى بالســيارة‪،‬ولكنــى تراجعــت عــن ذلــك كــى‬
 ‫ال تشــعر بالغرابــة‪،‬أردت طمأنتهــا قــدر اإلمــكان‪.‬‬
‫وصلنــا الــى الجامعــة ورأيــت شــخص ينتظرهــا أمــام الجامعــة‪،‬انزعجــت‬
‫مــن ذلــك‪،‬طلبــت مــن عــم فــاروق ان يناديهــا مــرة أخــرى أريــد محادثتهــا‪،‬‬
‫فناداهــا‪،‬ســألتها متــى يحيــن موعــد انصرافــك‪،‬فقالــت لــى‪:‬ســأنصرف‬
‫بالثالثــة‪،‬فقلــت لهــا‪:‬ســينتظرك عــم فــاروق الســاعة الثالثــة‪،‬فقالــت لــى‪:‬‬
     ‫انهــا يمكنهــا الذهــاب بمفردهــا‪،‬قلــت لهــا‪:‬بصيغــة أمــر ســينتظرك ‪.‬‬
‫ولالســف بــدت عالمــات الضيــق علــى مالمحــى‪،‬فأنــا ال اريدهــا بصحبــة‬
‫أى رجــل آخــر‪،‬وســألتها هــل هــذا الشــخص زميلهــا بالدراســة؟ فقالــت لــى‪:‬‬
‫ال انــه معيــد بالقســم‪،‬فزادضيقــى وانزعاجــى‪،‬لمــاذا ينتظرهــا المعيــد أمــام‬
‫الجامعــة؟ ولكنــى حاولــت إخفــاء ضيقــى الشــديد‪،‬كــى ال تشــعر باالنزعــاج‪،‬‬
‫فأنــا فــى نظرهــا مجــرد رب عمــل‪،‬وال أعنــى لهــا شــيئا‪،‬ولديهــا مطلــق‬
‫الحريــة للتتحــدث مــع مــن تشــاء‪،‬ولكــن فــى أعماقــى هــى زوجتــى التــى‬
‫أحبهــا بجنــون‪،‬اننــى أعشــق كافــة تفاصيلهــا‪،‬هــى حبــى الوحيــد فــى هــذه‬
  ‫الدنيــا‪.‬‬
‫انصرفــت الــى أعمالــى‪،‬وانــا مهمــوم وأفكــر فــى كيــف اســتطيع التعبيــر عــن‬
‫حبــى‪،‬وتذكــرت أن الوقــت كفيــل بذلــك‪،‬كمــا تذكــرت كلمــات إيليــن فــى أرض‬
                      ‫البرونــز أنهــا ســتحلم بــى وستشــعر بمحبتــى يومـا ً مــا‪.‬‬
‫حاولــت االنتهــاء مــن اجتماعــات اليــوم‪،‬كــى أكــون بالقصــر قبــل الســاعة‬
‫الثالثــة‪،‬بالفعــل انتهيــت وطلبــت مــن عم فــاروق انتظــار إيلين أمــام الجامعة‪.‬‬

  ‫خرجــت إيليــن مــن الجامعــة ووجــدت الســيارة بانتظارهــا‪،‬ووصلــت فــى‬
 ‫تمــام الســاعة الثالثــة والنصــف‪،‬رأيــت ذلــك مــن نافــذة حجرتــى التــى تطــل‬
 ‫علــى حديقــة القصــر والبوابــة األماميــة‪،‬ورأيــت إيليــن تخــرج مســرعة مــن‬
 ‫الســيارة‪،‬أدرك ســبب إســراع إيليــن‪،‬فهــى تريــد تحضيــر طعامــى فــوراَ‪،‬‬
 ‫فأنــا أعلــم جيــدا َ كيــف تفكــر إيليــن‪،‬ومــدى التزامهــا وقيامهــا بالمســئوليات‬
 ‫التــى تقــع علــى عاتقهــا‪،‬شــعرت باالشــفاق عليهــا جــراء العمــل والدراســة‬
 ‫معـًا‪،‬وانهــا ال تســتمتع بحياتهــا كباقــى الفتيــات بعمرهــا الصغيــر هــذا‪،‬قامــت‬
 ‫إيليــن بتحضيــر الطعــام بالفعــل‪،‬وصعــدت لغرفتــى لكــى تنادينــى‪،‬وقفــت امــام‬
‫بــاب الحجــرة وقالــت نــادر بيــه الغــذاء جاهــز‪،‬قمــت مــن مكانــى مســرعا َ‬
 ‫كــى افتــح لهــا البــاب‪،‬ولكنهــا اختفــت‪،‬خرجــت مــن حجرتــى وتوجهــت الــى‬
 ‫قاعــة تنــاول الطعــام‪،‬وكانــت فــى انتظــارى وتعــد المائــدة بلمســاتها الرقيقــة‪،‬‬
 ‫وكالعــادة طلبــت صحبتهــا فــى تنــاول الطعــام معــى‪،‬جلســنا ســويا ً وســألتها‬
 ‫عــن احــداث يومهــا‪،‬وظلــت تحكــى وتســرد مــا حــدث لهــا اليــوم بالتفصيــل‪،‬‬


 ‫الــى أن جــاء الحديــث عــن معيــد يدعــى هشــام يســاعدها بالقســم‪،‬ويقــوم‬
 ‫بتوجيهــا‪،‬وأخبرتنــى انــه يعلــم ظروفهــا جيــدًا‪،‬النــه كان جــار لهــم فــى‬
 ‫منزلهــم القديــم قبــل وفــاة والديهــا‪،‬وأخبرتنــى انــه يكبرهــا بنحو ســتة أعوام‪،‬‬
 ‫ويعاملهــا كاألخــت الصغيــرة‪،‬ولكنــى تذكــرت نظراتــه لهــا اليــوم حيــن قمــت‬
‫بإيصالهــا للجامعــة‪،‬وهــى نظــرات توحــى باالعجــاب بهــا‪،‬فكيــف ال يعجــب‬
‫وهــى بهــذا الجمــال‪،‬وتلــك الروعــة‪،‬طلبــت منهــا التعامــل بحــذر كــى ال تصدم‬
‫فــى اآلخريــن‪،‬وأخبرتهــا مراجعــة حســابها البنكــى‪،‬فلقــد وضعــت لهــا مبلــغ‬
‫اليــوم لدفــع مصاريــف الجامعــة وشــراء المســتلزمات الضروريــة للدراســة‪،‬‬
‫تفاجئــت كثيــرا َ مــن ذلــك وقالــت لــى‪:‬انــا لــم أعمــل ســوى يومانفقــط‪،‬كيــف‬
 ‫أحصــل علــى راتــب جــراء يومــان؟‬
‬‬ ‫أخبرتهــا‪:‬ان تلــك هــى سياســتى‪،‬فأنــا أدفــع ســلفة مــن الراتــب االول‬
‫لجميــع العامليــن معــى الذيــن يجمعــون بيــن الدراســة والعمــل‪،‬شــكرتنى‬
‫كثيــرا َ علــى ذلــك‪،‬واســتطردت حديثهــا بشــغف‪،‬شــعرت بتقــارب بينــى‬
‫وبينهــا‪،‬وان المســافة بيننــا ســتبدأ بالتالشــى‪،‬مــرت االيــام ونفــس االحــداث‬
‫تتكــرر‪،‬الفــارق انــى اراهــا مســتمتعة بالحديــث معــى‪،‬ونشــأ بيننــا صداقــة‬
 ‫جميلــة‪،‬كمــا انهــا أصبحــت تستشــيرنى فــى جميــع أمورهــا ‪.‬‬
‫قالــت إيليــن لــى ذات يــوم أنهــا ســتبدأ إختبــارات نهايــة العــام الشــهر المقبل‪،‬‬
‫وعليهــا أن تســتعد‪،‬واســتأذنتنى بالســماح بتقليــص عــدد ســاعات العمــل‬
‫تلــك الفتــرة‪،‬وافقتهــا علــى الفــور‪،‬وطلبــت منهــا أن ال تتــردد فــى طلــب‬
 ‫المســاعدة إذا لــزم األمــر‪.‬‬
‫بــدأت بالفعــل اختبــارات نهايــة العــام‪،‬ورأيتهــا تــدرس بجــد‪،‬وبجهــد كبيــر‪،‬‬
‫بالفعــل إيليــن تختلــف تمامــا ً عــن االخريــات‪،‬فــى الوقــت الــذى تســعى‬
‫الفتيــات للخــروج واالســمتاع بأوقاتهــن‪،‬اال أن إيليــن كل مــا يهمهــا هــو‬
‫دراســتها‪،‬واتقــان العمــل الــذى تقــوم بــه‪،‬وكنــا نذهــب ســويا ً فــى الصبــاح‬
‫الــى الجامعــة بحجــة ان طريــق الجامعــة هــو نفــس طريــق احــدى شــركاتى‪،‬‬
‫مــع العلــم أن الشــركة التــى تقــع بجــوار جامعــة ايليــن‪،‬لــم اكــن اهتــم بهــا‬
‫ســابقًا‪،‬وكنــت أتــرك ادارتهــا لمديــر اختــاره والــدى قبــل وفاتــه‪،‬واآلن‬
‫أذهــب لتلــك الشــركة فــى االيــام التــى تذهــب بهــا إيليــن الــى الجامعــة‪،‬فــى‬
‫اليــوم االخيــر‪،‬حرصــتُ علــى الذهــاب بســيارتى دون وقلــت لعــم فــاروق‬
‫انــك اليــوم فــى أجــازة تقديــرا ً لجهــودك معــى‪،‬فضحــك عــم فــاروق وقــال‬
‫لــى‪:‬انــت تعلــم انــك مثــل ابنــى‪،‬وبيننــا عشــرة طويلــة‪،‬وانــا اعرفــك جيــدًا‪،‬‬
‫هــل لديــك اهتمــام باالنســة ايليــن ‪،‬فاجئنــى كالمــه‪،‬ونظــرت اليــه مطــوالً‬

‫وقلــت ‪:‬نعــم فصحــك عــم فــاروق وقــال كنــت قلــق عليــك‪،‬واتســاءل لمــاذا‬
‫ال تحــب وتتــزوج مثــل باقــى الشــباب‪،‬ولكنــى اآلن إطمــأن قلبــى أتمنــى لــك‬
  ‫الســعادة والتوفيــق يابنــى ‪.‬‬
‫قلــت لعــم فــاروق اننــى اصــر علــى اجازتــك اليــوم وغــدًا‪،‬انــت لــم تحصــل‬
‫علــى أجــازة منــذ فتــرة طويلــة ‪.‬‬
‫ذهبــت الــى جامعــة ايليــن‪،‬و رأيتهــا تخــرج مــن بــاب الجامعــة بصحبــة‬
‫زميالتهــا‪،‬حيــن رأونــى كانــت نظراتهــم لــى ولســيارتى مثــل الســهام‪،‬ورأيت‬
‫احداهــن تهمــس فــى أذن ايليــن‪،‬ثــم اســرعت ايليــن وجــاءت علــى الفــور كى‬
‫ال انتظــر‪،‬وكانــت تشــعر باالحــراج‪،‬فكيــف أكــون أنــا ســائقها! اعتقــد هــذا مــا‬
‫فكــرت بــه‪،‬وركبــت الســيارة‪،‬وكانــت تبــدو عليهــا عالمــات االنزعــاج وعــدم‬
 ‫االرتيــاح‪،‬فســألتها مــاذا حــدث؟ يبــدو عليكــى االنزعــاج ‪.‬‬
‫فقالــت‪:‬ان احــدى صديقاتهــا همســت بكلمــات مزعجــة حيــن رأتنى بالســيارة‬
‫فــى انتظارهــا‪،‬وهــذا جعلهــا تشــعر بالضيق ‪.‬‬
‫فقلت لها‪:‬هل تقومين بأى خطأ ؟ قالت لى‪:‬بالطبع ال‬
‫فقلــت لهــا‪:‬ال تولــى اهتمــام بتلــك التفاهــات‪،‬واســتكملت حديثــى معهــا وقلــت‬
                    ‫لهــا اســتعدى لمفاجــأة اليــوم‪،‬فتعجبــت وقالــت‪:‬مفاجــأة !‬
 ‫قلــت لهــا‪:‬نعــم يــا إيليــن مفاجــأة اعلــم تمام ـا ً انهــا ستســعدك كثيــرًا‪،‬كانــت‬
‫مفاجأتــى لهــا هــى اصطحابهــا الــى المزرعــة‪،‬ســور المزرعــة طويــل جــدا ً‬
 ‫وقالــت لــى‪:‬اتمنــى بنــاء مزرعــة مثــل هــذه‪،‬فضحكــت وقلــت لهــا انهــا‬
    ‫مزرعتــى وهــى المشــروع الزراعــى الــذى حدثتــك عنــه‪،‬علــت وجههــا‬

‫عالمــات الدهشــة واالعجــاب‪،‬فمــا رأت يبهــر أى شــخص يحــب الزراعــة‪،‬‬

تم نسخ الرابط